الأربعاء، 19 يونيو 2013

رواية " رؤيا الفرعون الأخيرة " لـــ محمد الجيزاوى

   

   الرواية الثانية بعد رواية " فى صحتك يا وطن " للكاتب " محمد الجيزاوى "، أسلوب مختلف ، ويمكن القول أنها ملحمة تحمل فى طياتها شعرا وبلاغة ويظهر من خلالها قوة الكاتب وتمكنه من استخدام الألفاظ والتحكم فى المعانى ..

  ورغم أن القصة يعرف تفاصيلها المثقف والقارئ العادى وربما الأمى أيضا إلا أن الأسلوب الذى كُتبت به الرواية يجعل القارئ حريص على ألا يتخطى أى سطر ولا يفوّت الإستمتاع بالدراما التى لم تفقد رونقها وإن كانت التفاصيل معروفه مسبقا وهذا ما يجعل الرواية تحمل تحديا من نوع خاص .

  فالكاتب غالبا ما يتحدى بقصته ويجذب القارئ لها بأن يضيف أفكارا جديدة وتفاصيل لم يسمع بها القارئ من قبل وربما لم يتوقعها مستخدما كل أساليب التشويق وبعضا من الغموض احيانا ليصل لمبتغاه ، لكن الرواية هنا تتحدى بشكل مختلف فرغم معرفة القارئ للتفاصيل مسبقا إلا أن اسلوب الكاتب يجعل القارئ مستمتعا حتى بتكرار وقراءة ما يعرف من تفاصيل  ، فهى القصة الأشهر من قصص القرآن الكريم ، لكن الأسلوب يحمل الجديد من الألفاظ والتراكيب وإضافته لتفاصيل لم يعرفها القارئ من قبل يضفى روحا مختلفا للقصة .

" رؤيا  الفرعون الأخيرة " هى رواية من نوع جديد تمتزج فيه فنون وألوان من الشعروثراء المعانى والتراكيب البليغة .

من أول سطر فى الرواية يمكن لمحبى الإقتباس أن يجدوا ما يحبون ، وأنا كواحدة منهم بل وممن يقيسون جودة أى عمل أدبى أو فكرى بمدى إمكانية اقتباس المعانى الثرية والجمل الأدبية التى تحمل تراكيب جديده براقة ..
 وأحب جدا الأعمال التى أجد فيها استطرادات قد تبدوا خارجة عن النص وقد يراها البعض لا ترتبط بسير الأحداث لكنها فى رأيى تدل على خيال الكاتب وربطه الأحداث  والأفكار حين تخيلها وتخيل المشاهد بروحه فهى مرتبطة ولو بداخل كاتبها فتخرج رائعه وان لم يفهمها إلا القليل ، ومن هذه الإستطرادات :

" يوسف يتهادى تحت الشمس ... لا زال النوم رحيم يمحو كف القهر عن وجه القلب فننسى حين ننام .. هل ننسى حين نموت أنّا فوق الارض نسير ؟ هل ننسى حين نموت أن أخانا قهر الحلم بأنفسنا وسلب الحق ؟؟ .."

ومن الإقتباسات أيضا :
* " الخوف بكل الأرجاء، والراحة غائبة والأمن شريد والصدق طريد .. "
* " صوته طيب .. والصوت رسول .. وكم خدع القاتل بالبسمة مقتول.. "
* " القمر أزاح الشمس ، والشمس عادت للرمس وعند الصبح تثاءب  ضوء أصفر وتوارى الضوء  الأبيض ... السماء مركب كبير ، يتبادل دفتها شمس وقمر  منير .. وفى الأرض لا يقدر إنسان أن يحمل إنسان ! " ( اسقاط  على الواقع بنهاية الفقرة )
* " النعمة أسر .. " 
* " الرب كريم بالرفق يجود .."

لم تخلو الرواية من الإسقاطات التى تحكى الواقع الذى نحياه .. لكنه كان تحدٍ آخر للكاتب وللرواية .. فعندما تحكى قصة معروفة التفاصيل فالسرد محكوم إلى حد ما خاصة إن كانت قصة نبى ومذكورة فى القرآن الكريم .. وربط الأحداث بالواقع يلزمه تركيز وإختيار  للكلمات حتى لا يخرج المعنى غير متسق مع تفاصيل القصة الأصلية للرواية ..
وقد أجاد الكاتب فى الاسقاط على الواقع دون ان يخل بتفاصيل القصة .. فكان من ضمن هذه الإسقاطات : 

*  " والسارق فى الوطن المسروق ليس يطيل ... فبقاء السارق فى الأرض محال وسيأتى زمن الترحال وإن ساد الظلم وطال .."
* "الجوع سوط يعرفه الحكام .. فحين تجوع الأمة تخضع ... لا يشغلها أن الظلم فى زهو يرتع ، لكن الجوع سلاح ذو حدين فحينا يكسر أعناق الأمة وحينا يمسى رسول الثورة ويزيل الغمة " .
*  حوار الكهنة فى المعبد وكيف  فكروا فيما يضمن لهم سيادة العامة ... 


*****************
يتبقى أن أذكر ما أخذته على الرواية :

هناك تفاصيل وإضافات أثارت فضولى لمعرفة ما إن كانت بسند إعتمد عليه الكاتب أم أنها إضافات خاصة من خياله ومن أمثلتها ( ذكر أسماء بعض إخوة يوسف  عليه السلام - وأن من ألقى الدلو كان أعورا - ووجود العبد الطبرى - وأن العزيز وجدوه مذبوحا - موت يوسف قبل يعقوب ودفنه بفلسطين ورؤيا الفرعون الأخيرة )

قد تُقبل بعض الإضافات بل  وقد تكون مما أعطى للرواية روحا مختلفه ومميزة ، لكن فيما يخص أنبياء الله فالوصف والأحداث يحكمها نص قرآنى .

ولأن الكاتب قد أضاف وبدل وقائع كان يلزمه أن يذكر ذلك فى مقدمة وأن الرواية لا تخضع للنص المحكم الذى نعرفه وأنه سيستخدم خياله وبأنها ليست تأريخا للقصة المعروفة عن نبى الله يوسف عليه السلام .

***********
فى النهاية هو عمل قيم ينم عن موهبة وخيال خصب يحمل للمستقبل كاتب مميز ستكون له بإذن الله أعمالا أدبية يتحدى بها ... 

أمنياتى ودعواتى بمزيد من التميز والإبداع ..



رؤى عليوة 
18/6/2013






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكل من دخل عالمى