كأحد شروط الحصول على إجازة الدعوة .. من مركز الثقافة الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ، كان لابد من إلقاءنا درسين عى بعض الزملاء وفى حضور شيخ من مشايخ وزارة الأوقاف
درسى الأول كان بعنوان ( احترام الذات ) وله قصه سأرويها فيما بعد ..
الدرس الثانى إخترت له موضوع الصبر وإعتمد فى تجميعه على كتب ابن القيم خاصة " عُدَّةُ الصابرين " ،
عند دخولى المعهد واستعدادى لإلقاء الدرس الذى حضرته ، استوقفنى الشيخ بسؤالى أى المراجع إعتمدتى عليها فقلت : كتاب عُدَّة الصابرين لابن القيم ، فقال بعد نظرة وتفكير تقصدى عِدة الصابرين ( بالكسر ) فاستغربت وقلت عُدة ( بالضم ) فكررها وكررتها
وكأننا إختلفنا فى أمر عظيم لكن حقا أقتنع ان المعنى بالضم واستغرب من أنه بتمسك بقوله عدة بالكسر ، لكننى فوجئت بقوله : ( مش الكتاب الأصفر ده ) ابتسمت مستغربه ( لأ حضرتك هو لونه أخضر عندى ) ، أنا كنت أمزح وأرد عليه بطرافه يعنى لم يفكر فى إختلاف الطبعات مثلا أو أن الناشر يغير شكل الغلاف ، لكنه صمت وكأنه إقتنع أنهما كتابان مختلفان .... بعد سنتين وبعدما أعطيت الكتاب لأخى وهو مسافر ذهبت لأشترى كتاب مثله وأخيراااااا وجدت هذا الكتاب الأصفر:)
هذا الموقف طريف وددت أن أذكره قبل الدرس
******
الدرس
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله ..
أما بعد ..
فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل الصبر جوادا لا يكبو وجندا لا يُهزم ، فهو والنصر أخوان فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب واليسر مع العسر وقد ذكر تعالى الصبر فى القرآن فى نحو تسعين موضعا وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات وجعلها ثمرة له .
قال تعالى " واصبروا إن الله مع الصابرين " فظفر الصابرون بهذه المعية بخير الدنيا والآخرة وأخبر سبحانه وتعالى أن الصبر خير لأهله مؤكدا باليمين ، قال تعالى " ولئن صبرتم لهو خيرُُ للصابرين " .
وأخبر تعالى أن مع الصبر والتقوى لا يصر كيد العدو ولو كان ذا تسليط ، فقال تعالى " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعلمون محيط " .
وأخبر تعالى عن محبته لأهل الصبر وفى ذلك أعظم ترغيب للراغبين ، قال تعالى " والله يحب الصابرين " ولقد بشر الصابرين بثلاث كل منهم خير مما عليه أهل الدنيا ، فقال تعالى : " وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .
وأوصى تعالى عباده بالإستعانه بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين ، فقال تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " .
ولا إيمان لمن لا صبر له فإن كان فإيمان ضعيف صاحبه ممن يعبد الله على حرف فالإيمان نصفين ، نصف صبر ونصف شكر وتتوقف سعادة الدنيا والآخرة عليهما _ ولا يخلو الصبر من الشكر ولا يخلو الشكر من الصبر .
فالصبر هو خلق فاضل وقوة من قوى النفس التى بها صلاح شأنها وقوام أمرها ، وقال الإمام على ابن أبى طالب ( الصبر مطية لا تكبو ) ، وقال غيره ( الصبر هو الاستعانة بالله ).
وما من قربة إلا ولها أجرها بتقدير وحساب إلا الصبر ، قال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .
ومن الأحاديث الشريفة :
- حديث أبى سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما أعطى أحد عطاءا خيرا وأوسع من الصبر " . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
- عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها, إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها " قالت: فلما توفي أبو سلمة؛ قلت: ومن خيرٌ من أبي سلمة؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم عزم الله علي فقلتها؛ فما الخلف؟! قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
والصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش .
- وأنواع الصبر ( ثلاثة أنواع ) :
1- صبر على طاعة الله وأوامره حتى يؤديها لأن من الطاعات ما يثقل على النفس فالعبد يحتاج إلى الصبر قبل العبادة ( تصحيح النية وعدم الرياء ) وصبر أثناء العبادة ( بالإخلاص وعدم التكاسل ) وصبر بعد الفراغ من العمل ( عن كل ما يبطله ) .
2- صبر عن المعاصى حتى لا يقع فيها .
3- صبر على الأقدار والأقضيه ( كالمصائب ) حتى لا يتسخطها .
- وتنازع الناس في أي الأنواع وأحب إلى الله :
* فقالت طائفة : أن الصبر عن المنهيات أفضل لأنه أشق وأصعب لأنه صبر على مخالفة هوى النفس ، أما الصبر على الأوامر فإن أكثرها محبوبات للنفوس السليمة .
وأن الأمر يفعل منه المستطاع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) فدل على أن باب المنهيات أضيق من باب المأمورات .
* وقالت طائفة أخرى : بل الصبر على فعل المأمور أفضل لأن فعله أحب إلى الله من ترك المحظور حيث أن فعل المأمور مقصود لذاته مثل معرفة الله وتوحيده وعبوديته وحده والمنهيات إنما نهى عنها لأنها صاده عن ذلك فهي مقصودة لغيرها ( فلو لم يصد الخمر عن ذكر الله وعن الصلاة لما حرمه الله ..) وأن حاجة العبد لفعل المأمور أعظم من حاجته إلى ترك المنهي عنه وحسب شرف كل منهما فالمأمور أشرف لأنه معرفة الله أشرف مما سو
* وقد أظهر أن الأنواع الثلاثة متلازمة وكل نوع منهما يعين على النوعين الآخرين .
وقد قسم الصبر لأنواع أخرى هى :
أ- الصبر المحمود وهو أنواع
1- صبر بالله : وهو الإستعانه به ورؤيته أنه المصبر وأن صبر العبد بربه لا بنفسه كما قال تعالى " واصبر وما صبرك إلا بالله " .
2- صبر لله : وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى والتقرب إليه قال تعالى " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .
3- الصبر مع الله : وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه ومع أحكامه وأن يجعل العبد نفسه وقفا على أوامره ومحابة ( وهو أشد الأنواع وهو صبر الصديقين ) .
ب- الصبر المذموم وهو :
الصبر عن الله ( الجفاء) : وعن إرادته ومحبته وسير القلب إليه فهو يتضمن تعطيل كمال العبد وتفويت ما خلق له .
** وهناك صبر الكرام وصبر اللئام :
فصبر الكرام هو أن يصبر الإنسان على بعض ما يكره إختبارا لعلمه بحسن عاقبة الصبر وأنه يحمد عليه ويذم على الجزع فهو فهو يصبر فى طاعة الرحمن .
أما اللئام فهم يصبرون اضطرارا حيث لا ريى الجزع يجدى فيصبرون صبر الموثق للضرب .. اللئيم يصبر فى طاعة الشيطان ( طاعة أهوائهم وشهواتهم )
- ومن الأسباب التى تعين على الصبر :-
1- الجزء العلمى : وهو إدراك ما فى المأمور من الخير والنفع ، إدراك ما فى المحظور من الشر والضرر والنقص ، العزيمة الصادقة والمروءه الإنسانية ، تسلية النفس بالمباح المعوض عن الحرام ، التفكير فى المفاسد الدنيويه المتوقعة من قضاء هذا الأمر .
2- تقوية باعث النفس : إجلال الله تبارك وتعالى ، محبته سبحانه وترك المعصيه لمحبته ، معرفة النعمة والإنتقام من الله سبحانه وتعالى ، معرفة ما يفوته بالمعصية من خير الدنيا والىخرة ، التفكير فى الدنيا وسرعة زوالها وقرب انقضائها .
- آداب الصبر :
- استعماله فى أول صدمة لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) .
- الإسترجاع عند المصيبه ( قول انا لله وانا اليه راجعون ) .
- سكون الجوارح واللسان .
- ومن حسن الصبر ألا يظهر أثر المصيبة على المصاب .
ومن الأمثلة ( أم سليم امرأة أبى طلحة لما مات إبنها .... وكيف قابلت زوجها ولم يظهر عليه أثر الصدمة ..
* من الآثار الواردة عن الصحابة التابعين فى فضيلة الصبر :
- قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ( لو كان الصبر والشكر بعيرين لم أبال أيهما ركبت )
- وقيل للأحنف بن قيس : ما الحلم ؟ قال : أن الصبر على ما تكره قليلا .
- وقصة عروة بن الزبير لما قدم على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد .... عندما عاد قال ( لقد لقينا فى سفرنا هذا نصبا ) ولم يزد عليه ...
- قال عبيد بن عمير : ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب ولكن الجزع القول السئ والظن السئ .
- الألم لا ينافى الصبر .
-
· وتنازع الناس فى الأفضل الصبر أم الشكر ( وعند عمر بن الخطاب هما سواء لقوله السابق )
وهل الفقير الصابر خير أم الغنى الشاكر ؟
ويطول التفصيل وسرد الأدله والحجج لكل من الطرفين
والأفضليه بالتقوى ..
** وفى الصبر وفضائله وآياته تفصيلا يطول ولا يكفيه درس لكن كنت فقط أضع إشارات لتذكرنى .
جزاكم الله خيراً .. أستاذة رؤى ..
ردحذفجزانا واياكم اخى
حذفشفت التعليق والنصائح طبعا اخدت بيها
هى فى الحقيقه أخطاء من سرعة الكتابة لكن شكرا للتنبيه
دمت بخير اخى
احسنتي رؤي
ردحذفادعوكي لقراء ماكتبت عن الصبر في هذا الرابط
http://sawahmasry.blogspot.com/2011/11/blog-post.html
تحيتي
شكرا لمرورك خالد
حذفواكيد هروح اشوف اللينك
دمت بخير
ربنا يبارك فيكي رؤي..
ردحذفيارب نكون جميعاً من الصابرين يارب آمين.
امين يارب العالمين
حذفشكرا لمرورك نيللى
رؤى
ردحذفالصبر مفتاح كل فرج فى حياتنا
خاطرة شديدة الحساسية وفيها من الرشادة والهداية ما تستحق القراءة والدراسة
شكرا على هذا الحصر المفيد
شكرا لتواجدك عمو فاروق
حذفبجد كانت ايام كل ما اتلقاه من معلومات يدعو للصبر والتهوين من امر الدنيا
اشتاق جداااا لهذه الدراسة والايام
دمت بخير
بارك الله فيكِ رؤى على هذا الطرح الطيب والقيم
ردحذفالمتناسق والمتكامل..
وجعله الله في ميزان حسناتك
إن الصبر هو المفتاح الذي رغم اهميته يضيعه الكثيرون
فيخسرون ... الصبر هو الأداة التي تهون المصاب
فألهمنا الله الصبر وجعله المعين لنا في جلل مصابنا
أشكركِ
وبورك فيك زينه
حذفشكرا لك
اللهم اغرف علينا صبرا
دمت بكل خير
بارك الله فيكى يا رؤى
ردحذفاستفدت الكثير هنا
ما أجمل الصبر والحمد على الابتلاء
تحياتى
الحمد لله يقينا
حذفالحمد لله ننجو بها
شكرا لمرورك هبة
دمت بخير
جزاك الله كل خير
ردحذفموضوع رائع جداً بجد
خالص نحياتي
:)
جزانا واياكم
حذفارجو ان يكون المعنى دلوقتى اوضح
دمت بخير
ماشاء الله
ردحذفاكيد ادوكي امتياز
ربنا يكرمك
يارب واياك شموسه
حذفانا فعلا خدت درجة كويسه بس جيد جدا كان ده اعلى حاجة :)
دمت بخير
بالتوفيق يا رؤي
ردحذفكوني مع الله دائما
ونعم بالله
حذفهو جهاد كى نصل لهذه الدرجة ونكون فى معيته
دمت بخير كارولين
السلام عليكم أختي رؤى ..
ردحذفاعذريني .. ولكن لا يزال هناك خطأ في الآية التي كتبتِها وهي قوله تعالى : أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحم وأولئك هم المهتدون "
الصواب : "ورحمة " وليس "ورحم" ..
أعتذر منك لكن لا يجوز أن نعرض عن التصحيح .. كما تعلمين ..
أشكر لك هذا الموضوع الطيب ثانيةً ..
شكرااااااا يسعدنى نصحك
حذفوهو طبعا واجبنا خاصة بخصوص الآيات
جزاك الله خيرا
لكن أكرر لأنى كتبت بسرعه ففيه بعض الأخطاء أتدارك بعضها ويظل البعض الآخر
مساء الغاردينيا رؤى
ردحذفجزاكِ الله خيراً
وجعلنا الله من الصابرين
لو تعلمين كم أنا بحاجة ماسة للصبر
لاتنسيني من دعواتك "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas
مساء الفل ريماس
حذفوالله كلنا بحاجة شديدة للصبر
ربنا يعينك ويقدم لك اللى فيه الخير دايما
دمت بخير حبيبتى
جزاكِ الله خيرًا على هذا الدرس المتكامل من جميع الجوانب ..
ردحذفو قد استمتعت بقراءة المفارقة التي حدثتْ معكِ !
:)
دمتِ بخير ..
تحيآاتي لكِ ..
مرحبا بك دودى
حذفشكرا لك
دمت بخير:)