هو : ألو .. إيه رأيك نتغدى النهرده مع بعض ؟
هى : مفيش مانع لو بابا وافق .
تنظر فى يدها وتبتسم ، هذه الحلقة الذهبية التى تزين يدها اليمنى تجعلها تطلب من والدها الخروج معه وهى على ثقة أنها لم تفعل ما ينافى الأخلاق التى تربت عليها .
هى : ألو .. بابا وافق .
هو : هعدى عليكى بعد الشغل .
إختار مطعم أنيق اعتاد أن يذهب إليه عندما يرافق وفدا مهما على عشاء عمل ،لاحظَت أن الكل هنا يعرفه ، طاولة فى مكان مميز ، إهتمام ملاحظ هو شخص له إحترامه جميع العاملين هنا يتسابقون لخدمته ،وهو لا يرد سوى بإبتسامة بها قليل من الود وكثير من الكبرياء ، هو معها أكثر ودا وإن لم يتنازل عن كبرياءه .
هو : سبينى أختارلك أصناف هتحبيها .
هى : وافقت بإيماءه و إبتسامة.
إختار لهما أصناف يحبها .
بعد قليل جاء الطعام شهى ، المطعم لا يقدم إلى الأكلات الغربية ولا يدخله إلا أناس على مستوى راقٍ .
على نغمات هادئة بدءا فى تناول الطعام وهما يتبادلان الحديث بود عن " العمل ، أذواق الأثاث ، تجهيزات الفرح " بعد قليل انتبه إليها ونظر فى يديها وظهرت علامات لم تتبين هى منها أهى علامات دهشة أم استنكار ؟!
هو : " بصوت منخفض فيه حزم " الشوكه بالشمال والسكينة باليمين .
هى : " مرتبكة من نظرته وأسلوب كلامه " أنا معرفش آكل بالشمال .
هو : فيه حاجة إسمها اتيكيت وأصول .
هى : " تنهدت وعادت للخلف بهدوء" صحيح فيه أصول وقواعد وأنا فعلا ماشية عليها.
هو : " متعجبا " إزاى وإنتى ماسكة الشوكة باليمين ؟ !
هى : لأن ما تعلمته أن آكل باليمين .. " لم تنتظر تعليقه وأكملت "
الإسلام هو من علمنا الأصول والقواعد فى كل أمور حياتنا والرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من علمنا آداب الطعام وهو الذى وصى قائلا " وكل بيمينك " ، وما الذى يضر الإتيكيت فى أن أمسك الشوكة باليمين ، الأصول التى وضعوها تناسبهم هم وأنا لا آخذ منها إلا ما يناسبنى .
هو : مقتنعه إذن والأمر عن قصد .
هى : صحيح .
هو : لماذا لم توجهينى إذن طالما مقتنعه وتعلمين أن ما تفعلينه هو الأصح ألسنا شريكين والمفروض أننا سنصبح كيان واحد وسنُعلِم أطفالنا ما نقتنع به .
هى : " بعد صمت طويل " لا أعلم لماذا لا أجد بداخلى الرغبة فى تقويم أى فعل أراك تفعله وأنا غير مقتنعه به ، بالرغم من أننى مع أصدقائى وإخوتى وكل من أعرف غير ذلك ! .
هو : أنا مختلف عنهم ! .. كنت أظن أنى الأقرب .
هى : لا تتعجل . أنت فعلا مختلف عنهم لأننى وجدت نفسى معك مختلفة ، أكثر هدوءا ومرونة وتقبلا للإختلافات بيننا .وما ألاحظه من أفعالك التى تخالف قناعاتى أجدنى أفكر فيها بطريقة مختلفة .
هو : كيف مختلفة ؟
هى : لا أعلم أهو الخوف من أن نختلف وكل منا يتمسك برأيه ، أم أنه شئ آخر ... " تردد بصوت منخفض وكأنها تحدث نفسها نعم هو الشئ الآخر " .
تشرد
هو : ما هذا الشئ ؟ كرر السؤال حتى انتبهت .
هى : أردت أن تفعلها من أجلى دون أن أطلبها ، أردت أن تعرف بنفسك أن هناك أشياء بسيطة لو فعلتها وقلت لى " عشانك " سأكون أسعد من أن نتناقش فيها وتتركها بعد أن تقتنع بالحجج .
صمتا .. وأكملا غذاؤهما ، بعد قليل إبتسم
انتبهت وهو يبدل الشوكة والسكينة فى يديه
هو : عشانك .
هى : ابتسمت " أو ابتسم قلبها " ورددت بخجل : متحرمش منك .
عادت لمنزلها ، وأول ما فعلت أن أخرجت دفتر من مكتبها ، كانت قد اشترته من مدة طويلة ولم تكتب فيه غير عنوانا فى منتصف صفحة الغلاف ، اليوم ستدون فى أولى صفحاته أول حدث قال صاحبه لها " عشانك " لهذا فقط إحتفظت بالدفتر منتظرة من يفعل من أجلها أى فعل ولو بسيط ، فكل ما كانت تحلم به أن يكون بحياتها من تستطيع أن تقول له " عشان خاطرى " .
إحتضنت الدفتر بعدما دونت تاريخ اليوم وتحته أول " عشان خاطرى " فعل كذا ..
أغمضت عينيها مبتسمة وهى تردد : سأدون الكثير فى هذا الدفتر وبعد عشر صفحات يمكننى أن أطلب منه بثقة ، يمكننى أن أقول " عشان خاطرى " وأنا أعلم أنه سيفعل وهو راضٍ فقط " عشان خاطرى " .