الخميس، 19 يوليو 2012

دعوة للتحدث عن الرومانسية بلغة القرآن الكريم



** أرجو متابعة القراءة والتعليق للأهمية ** 



   لم يخلو الحديث فى القرآن الكريم من ذكر حالة من الحالات الإنسانية التى يمكن أن يمر بها الإنسان فى حياته مهما كانت طباعه ، فلم يقتصر الحديث فيه على حالات العبادة والتقوى وتعلق القلب بربه وأنسه به سبحانه ، لأننا كبشر نمر بحالات تتفاوت فى درجاتها وأوقاتها .

لقد أتى القرآن الكريم معالجا لكافة الحالات والعلاقات التي يحتاجها الإنسان فى حياته ، وهى علاقة الإنسان بربه و بنفسه و بالناس من حوله ، فنظمها وناقشها فى تفصيل أو إجمال يفصله الحديث الشريف ، لكنه وصل إلى عمقها ليرسم نهجا مستقيما لا يضل من يتبعه ولا يشقى .

وفى سيرة رسولنا الكريم _ صلى الله عليه وسلم _ دروسا تعلمنا المعاني الراقية فى المعاملات فى مختلف العلاقات الإنسانية ومهما كانت درجة القرب أو البعد ..

ما سبق كانت مقدمة لابد منها للدخول فيما أود الحديث عنه كرأي شخصي أقتنع به وأجد له الدليل الواضح فى ديننا الحنيف الذي لا يجوز الحيد عنه ما استطعنا لمن أراد أن يكون متبعا حقا .

عندما تحدث القرآن الكريم عن العلاقة بين الرجل والمرأة لم  ينكر العاطفة الفطرية بينهما لكنه قننها بما يحقق أفضل النتائج للطرفين وقد جعل الحديث فى إطار شرعي  _الزواج _ ليبين أنه السبيل الأوضح والأصح ، ولأنه سبحانه وتعالى الأعلم بنفوس البشر . ولم يخلو الحديث فى القرآن الكريم من معانى الحب والعاطفة لكنه يعلمنا رقى المعاني وحياء الألفاظ التى يجب أن يتحلى بها المسلم أكثر من غيره  ، فلكل دين خلق وخلق الإسلام هو الحياء .

 فلم يمنعنا الدين من الشعور بالمحبة والعاطفة ، ولم ينكر إنجذاب الطرفين لبعضهما ، لكنه أيضا علمنا الطريقة الأفضل والأنبل فى الحديث إذا لزم الأمر عن تلك العلاقة والحالة الإنسانية التى لا غنى عنها .

حديثي يركز على طريقة تعبيرنا عن مشاعرنا ، أرى أنها كلما كانت أقرب للغة القرآن كانت أصدق وأشمل لمعاني أعظم وأعف ، وكانت داعية للإحترام والثقة لاسيما ثقة المرأة بالرجل وشعورها بخوفه وحرصه عليها واحترامه لها وهو ما يفرق كثيرا فى استمرار العلاقة .

فعندما تحدث القرآن الكريم فى قوله تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "(سورة الروم الآية 21 ).. لم يأتي مثلا بلفظ كالذي نجده دارجا على ألسنة الكثيرين _ العشق _ ورغم أن ألفاظ المودة والرحمة والسكينة أشمل لكل معانى المحبة ودرجاتها لكنها ألفاظ لا يستحى المرء الأشد حياءا من ذكرها فى معرض حديثه فى أي مقام كان .

ومن الأمثلة أيضا التى نجدها فى القرآن الكريم قوله تعالى"أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ "( سورة النساء الآية 43 ) ، فنجد أنه يختار الألفاظ الأشد تأدبا وحياءا دون أن يخل بالمعنى أو يبتعد عن المقصود الذي يفهمه كل من يقرأ هذه الآيات .

ونجد أيضا  الرسول الكريم _ صلى الله عليه وسلم _  كبشر ومعلم وقدوة يعلمنا كيف تكون العلاقات السامية التى تجسد أفضل النماذج فى المعاملات على الإطلاق ، ومن صحيح السنة نعلم كيف كان يحب زوجاته _ رضي الله عنهن _ وكيف كان يعاملهن وكيف كان نموذجا مثاليا فى العطاء والحب ، لكننا أيضا نتعلم منه صلى الله عليه وسلم كل يجعلنا نفخر به فرغم حياءه الشديد ورغم أن فى السيرة دروسا نتعلم منها أدق التفاصيل فى حياته صلى الله عليه وسلم فلم نجد حديثا واحدا به ألفاظ نستحي من ذكرها ، فلم يكن صلى الله عليه وسلم فاحش ولا بذئ وهكذا يجب أن يكون المؤمن .

لم أقصد أن نبتعد عن الكلام ( الرومانسي ) لكن أردت أن يكون بأسلوب مختلف أكثر تهذبا خاصة فى الأشعار وما يُنشر على الصفحات والمواقع .

فقد كان هناك فرق بين أشعار الجاهلية والأشعار بعد الإسلام خاصة فيما يخص الغزل الصريح ، ومع ذلك لم يخلو الشعر بعد الإسلام من معانى الرومانسية لكنها أصبحت أكثر إلتزاما بتعاليم الدين التى لا تخدش الحياء .

نعلم أن ما زاد عن حده كانت نتائجه عكسية ، وهذا ملموس ولا يخفى على أحد ، ولا يخفى أيضا أن أغلب المعجبين والمشجعين لمن يكتب أو يتكلم طوال الوقت بما يسميه رومانسيه ، ينقلبون وتنقلب كلماتهم إذا خلو بأنفسهم أو سُئِلوا عمن يكتبون أو يتكلمون بها !! حتى وإن كانت لشخص يستحقها شرعا _ زوج أو زوجه _ حتى وهم أنفسهم من كتبت لهم أو قيلت عنهم مع الوقت يتغيرون أو يطلبون المزيد دون مقابل محسوس أو أنها تفقد قيمتها الأولى مع الوقت .

كما أن الحالات الإنسانية أكبر بكثير من أننا نقصرها فى علاقة عاطفية بين رجل وإمرأه ، لكن هناك لغة العقل والقلب أيضا وبعيدا عن الجمود أو الميوعة ، فالحالات الوسط أكثر بكثير من أن تُحَد فى نوع واحد من العلاقات ، وإن كانت أغلب الحالات سيتصدر فيها الرجل والمرأة البطولة لأنهما الحياة .

لم يكن حديثي وإثارة الموضوع بغرض الإنتقاد للبعض ، لكنه رأى شخصي ودعوة ولتكن قُربة نتقرب بها لله عز وجل ، فقد خلقنا ولم يحدنا فى نوعية معينة من العلاقات وإن كانت الأهم ولم ينكرها سبحانه علينا ، ولم أنكرها أنا بالضرورة ، لكنه عز وجل قننها وهذبها وجعلها أنبل وأسمى ، وهذا ما أردتُ أن أوضحه من حديثي هنا .

كانت هذه الدعوة لها أسباب حفزتني على كتابتها أولها أنني منذ دخولي عالم النت قرأت الكثير من الأشعار والخواطر التى يكتبها الشباب للتعبير عن مشاعرهم بغض النظر عن كونها صادقة فعلا أو غير ذلك لكنها كانت بألفاظ كنت أستحي ولا أجد عندي كلمات للرد عليها  ولم يكن عدم ردى عليها قصور فهمى أو شعوري بها كما يظن البعض لكن قد يكون السبب فى طريقة التربية التى نشأت عليها فقد كانت أمى مثلا تمنعنا من مشاهدة الأفلام العربية لأن بها مشاهد لا يجوز للأطفال أن يشاهدوها وعندما كبرنا وحاولنا مشاهدة تلك الأفلام لم تنل إعجابنا فقد كنا قد تعودنا على تغيير القناة عند أى مشهد لا يجوز مشاهدته ببساطة لأنه لا يفيد ولا يزيد من يشاهده غير الجرأة الغير مستحبة ، والآن وبكامل إرادتنا لا نشاهد هذه الأفلام .

وسبب آخر حفزنى على التفكير فى هذه الدعوة ، فى الفترة الأخيرة قرأت عدة روايات لكتاب وروائيين أكثر من رائعين لا يختلف عليهم أحد ، لكن كنت دائما أنتقد أن يأتى فى وسط الرواية تفصيلا لمشهد فاحش فى وصفه وألفاظه دون مبرر أراه _ أراه غير مبرر لأنه لا يزيد القارئ إعجابا أو فائدة من أى نوع  _ خاصة  إذا كانت الرواية تاريخية مثلا ، فقد تكون الرواية بعيدة فى موضوعها عن مشهد يجسد فيه الكاتب  ما لا يسرنى أن أقرأه ، فيجعل تلك الصفحات القليلة سببا فى خجلى أن أذكر أنى قرأت هذه الرواية أو أن أنصح بها أخى أو أختى ، فلتكن هناك روايات خاصه تُعرف من عناوينها إن أرادوا الإسهاب فى الوصف والتفصيل ، وإن كان لابد من التعرض لتلك المواقف لضرورتها كتاريخ فلتكن إجمالا ولن يختل المعنى أو المشهد وهم أصحاب اللغة والمتبحرون فى المعانى ، فلا داعى أبدا أن يمارس الكاتب خياله فى الإطالة بما يخدش حياء القارىء _ وإن كنت أنا وحدى _ .

هذه الروايات تكون أشبه بفيلم وثائقى أو تاريخى يتحدث عن حروب وصراعات ثم يفرد المخرج جزءا منه لعرض مشاهد رومانسية _ كما يسمونها ويدعون أنها تخدم النص !!! _ فهى وإن كانت ضرورية فلتكن بإيجاز .

هذه دعوة قد لا تجد القبول من البعض أو ربما من الكثيرين لكن هذا ما أقتنع به وأشعر بإرتياح وأنا أخطه بقلمى وأدونه هنا ، وأعلنها أنها أمنية غالية أن أجد لهذه الدعوة صدى عند كل من يقرأها بل وأتمنى أن يفعلها ويدعو لها كل من يعرف ولتكن كما ذكرت سابقا قربة نتقرب بها إلى الله تعالى .

فليكن حديثنا وكتابتنا بلغة القرآن الكريم أيا كان الموضوع الذي نتحدث فيه ..



هناك 18 تعليقًا:

  1. بالتأكيد الدين لا يحرم الرومانسية او الحب
    لكن اعتقد انه من الواجب ان تكون في موضعها الصحيح

    بوست ممتاز ودعوة طيبة
    خالص التقدير لفكرك وقلمك

    Casper

    ردحذف
  2. بوست اجمل من رائع

    الكتاب الان يتفننوا في وصف الفاحشة
    اكتر من مره اتوقف عن القاراءة ولا اكمل الرواية بسبب ان الكاتب هات ياشرح وتفاصيل مالهاش اي لازمة

    كل سنة وانتي طيبة وبخير وصحة وسعادة

    ردحذف
  3. الله ينور عليكي :)
    كل سنة وإنتي طيبة يا رؤى :)

    ردحذف
  4. قلتها لكِ سابقاً
    اتفق معكِ قلباً وقالباً

    ردحذف
  5. القرآن لغة الرحمة والرفق والحب

    وهذه المفردات كلها تأتي ضمن ما نسميه رومانسية

    موضوع جميل شيق
    أحب اتباعك أسلوب ربط الدين بهذا الشكل المميز بحياتنا
    ومتطلباتنا الحياتية
    كل عام وأنتِ و أحبابك بكل خير

    ردحذف
  6. القران شفاء لما فى الصدور
    تدوينه جميله
    تحياتى رؤى

    ردحذف
  7. أتفق معك رؤى في معظم كلامك،و إن كنت أحبذ ان نقول لتكن رومانسيتنا بأسلوب القرآن، الذي عبر عن الحب و العلاقة العاطفية بين البشر بأرق الكلمات و أبسطها و أعمقها معنى دون أن تخدش حياء سامعها أو قائلها،القرآن وضع أسس عامة لكل شئ في حياتنا و جاء الرسول ليعلمنا- ومن بعده الصحابة- كيف نأخذ من هذا الاطار أو هذا الاساس العام قاعدة نطبقها في حياتنا بما لا يتعارض مع الدين، فالرسول كان يسابق زوجاته،و كان يدللهن و يدعونه بأسماء فيها من التدليل و التحبب ما فيها،و عليّ كرم الله وجهه عندما رأى السيدة فاطمة تستاك قال: حظيت يا عود الارك بثغرها،فالأمر- في اعتقادي- ليس التزام بلفظ او كلمة بقدر ما هو التزام بسلوك و اداب.
    طبعا اشاركك التعجب من بعض الكتاب الذين يدسون مشاهد و يصورونها بكلمات خادشة للحياء و الاداب،و هي لا تمت للرواية بأي صلة،و حتى ان كان لابد ولزم الامر فأظن عند القارئ من الفهم و الوعي ما سيجعله يفهم بأقل الكلمات المهذبة..
    نحن نحتاج- بل يجب علينا- ان نتخذ من القرآن مثال لتعاملنا مع بعضنا و منهل نتعلم منه كيف نعبر و بأي اسلوب...
    موضوعك جميل جدا رؤى و نقاطك مهمة جدا،انا غير راضي عن تعليقي لأني أعلم ان عندي الكثير لأقوله و لكن يبدو ان عندي بعض الخمول، ربما لاحقا يطول الحديث في هذا الموضوع و يطول النقاش..لك كل التحية، وكل عام و انت بألف خير و الأسرة الكريمة،و كل الامة الاسلامية،و تقبل الله منا و منكم.

    ردحذف
  8. أختي رؤى ..
    بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    لن يسعني الآن أن أكتب مشاركتي في موضوعك والذي بشكل عام أتفق فيه معك 100% ..
    جزاك المولى تعالى كل الخير ..
    وقد دخلت اليوم هنا وربما تكون المحطة الأخيرة لي اليوم في عالم المدونات .. لأسجل تحيتي ومباركتي لكم بشهر رمضان المبارك ..
    مع التحية الطيبة ..
    التوقيع : ظلالي البيضاء .

    ردحذف
  9. أتفق معك في أن لغة الكتابة يجب أن تكون مهذبة ولكن احيانا الكاتب يضطر لاستخدام كلمات وألفاظ معينة لأنها هي التي تعبر عن ما يريد أن يوصله بالضبط فلو استخدم لفظ أخف ففكرته لن تصل للقارىء فكل لفظ له دلالة مختلفة ولكني شخصيا لا أحب استعمال ألفاظ بذئية في الكتابة
    http://hekaty.blogspot.com/

    ردحذف
  10. اتفق معكي في كل ما ذكرتيه

    بارك الله فيكي

    كل سنه وانتي بالف خير

    ردحذف
  11. الله ينور عليكى يا رؤى
    تفكير جديد وطيب يتناسب مع هذه الناسبة الكريمة
    بارك الله فيكى

    ردحذف
  12. مقال مهم جدا يا رؤى

    عجبني أوي بجد .. ومتفق معاكي

    ردحذف
  13. موسوعة المسابقات :
    ------------------------
    إنتهى الترشيح لأفضل موضوع ديني وسيبدأ التصويت يوم غد الأربعاء 19 - 9 - 2012 ولمدة 10 أيام يستطيع المشترك خلالها مشاركة موضوعه للأصدقاء للتصويت عليه، حيث ينتهي التصويت يوم السبت الموافق 29 - 9 - 2012

    * مشاركة الموضوع الذي سينشر على صفحة موسوعة المسابقات
    * يكون التصويت بإستخدام فيس بوك وجوجل +

    ردحذف
  14. موضوع راقي الطرح .. والفكرة والمضون وساء فزتي به أم لا وأتمنى أن تفوزي لأنه يستحق أثبتي وجهة نظر سليمة وراقية تحياتي

    ردحذف
  15. بصراحه فعلا ممكن تكون النوعيه من الكتابات اللي تقصديها فيها بعض الايحائات المخجله
    واكيد النص الادبي مش هيتقصر كتير بالنسبه للقارئ
    لكن ممكن بعض الكلمات تقصر علا الكاتب نفسه لاستكمال مشاعره

    ردحذف
    الردود
    1. ليس فيما يخالف الشرع شئ ايجابى
      وكل ما فى الدين لا يخلو من الحياء وهو خلق الاسلام

      وكل ما يخدش الحياء ليس فيه جمال

      شكرا لمرورك يا اسراء واعلم انها وجهات نظر

      حذف
    2. نظرتي للموضوع مثلك تماما...الرومانسية يجب حصرها في تجربة خاصة بين الزوجين..أما إذا خرجت عن إطارها عن طريق الكلام أو المشاهد؛ فقدت رونقها ورومانسيتها.

      حذف

مرحبا بكل من دخل عالمى