الخميس، 8 نوفمبر 2012

ظِلُّ الأفعى لـــ د. يوسف زيدان





رواية صغيرة الحجم نسبيا ، ممتلئة بالأفكار والموروثات الأسطورية ، نصفها الأخير يحتاج لتركيز وتعمق ونصفها الأول " لم يعجبنى " لجرأته غير المبررة من وجهة نظرى ... لن أزيد عن وصف ما فيه لكن ربما لو نصحت بقراءة هذه الرواية لكانت نصيحتى " أن تقرأها بداية من الجزء الخاص بالرسائل فهو الأهم لعمقه وفلسفته ، وهو ما أبحث أنا عنه .

الرسائل ( هى بإختصار رسائل أم لإبنتها التى تعهدت لجدها ألا تحاول الإلتقاء بها إلا عندما تبلغ الثلاثين من عمرها ، وذلك عندما قرر الجد إبعاد الأم- الكافرة من وجهة نظره -  عن إبنتها وهى فى سن السابعه من عمرها بعد وفاة الأب وتدور الأيام وتتزوج البنت والأم تتابعها من بعيد إلى أن تتم الثلاثين فبدأت بإرسال الرسائل التى غيرت تفكيرها عن كونها أنثى وعن التاريخ القديم وكيف تغيرت النظرة للمرأة إلى أن وصلت لما نراه اليوم وما قد يصل بها إلى الإحتقار والدونية ، وكيف وصلت إلى هذه الدرجة بعد أن كانت هى الربة الأم واهبة الحياة ) .


ظل الأفعى رسائلها فلسفية عميقة تحمل فى طياتها موروث فكرى تطور عبر الأزمان ، منذ زمن الأساطير اليونانية والسومارية ، التى تحكى عن زمن الربات والأمهات الأُول اللاتى كن سر الحياة والوجود ، وكيف تحول الفكر إلى فكر ذكورى مسيطر رغم أنه بُنى على إداعاءات باطلة إدعاها المتفلسفين ورجال الكنيسة ومن أرادوا بخبث تغيير الحقائق التى وُجد علي أساسها العالم .

لا أنكر أن هذه الرسائل ، قد صيغت بأسلوب رائع ومحفز على التركيز والتفكير " بعيدا عما ورد فى أولها !! "

لكن هذه الرسائل تحمل فى طياتها سُمًا محلى بــ العسل ، فلو لم يكن القارئ صاحب عقيدة ولديه رصيد دينى صحيح ومستقر بأعماقه ، لتسبب فى خروجه عما هو معلوم من الدين بالضرورة لما هو نابع من أساطير كتبها ( مهاويس) بداية التاريخ وجهلاء( وليس حكماء) الإغريق واليونان المولعين بحكايات الآلهة والربات التى لا ترقى لأكثر من أن تكون سيناريوهات لأفلام أبطالها مخلوقات خرافية تأخذك قليلا ثم .. تضحك بسخرية .

والسؤال : هل أراد الكاتب ذلك ( زعزعة الأفكار السليمة )- أشك - أم لم يدرك أنه ربما كان سببا فى زعزعة عقيدة بعض قراءِة ولاسيما النساء اللاتى غالبا ما سينجذبن لما أورده الكاتب عن أن الأنثى هى أصل الحياة وأن كل ما جاء فى القوانيين والنصوص الدينية من رفع مكانة الرجل لم يراعِ حق المرأة ولم يحفظ لها ما كان لها فى الأصل ؟ وأنها عندما تطالب بالمساوة فهذا نتيجة التلاعب بعقلها وإقناعها بأنها فى مرتبة أقل من الرجل وأنها لا تعى حقل كيف كانت هى الربة الأم واهبة الحياة والوجود ؟؟

** فى نهاية كل رواية تتمتع بالأسلوب الفلسفى يتأكد يقينى بأن الفلسفة بحر يجب ألا يفكر فى خوضه إلا من تمكن الدين من قلبه لكيلا تأخذه لبعيد فى دواماتها الخطرة التى ربما لم يردها كاتبها تحديدا لكنها صفة أصيلة فى الفلسفة .


** إقتباسات إخترتها من الرواية : 

- الأمومة طبيعة ، والأبوة ثقافة .
- الأمومة يقين ، والأبوة غلبة الظن .
- الأمومة أصل فى الأنثى ، والأبوة فرع مكتسب .

- يكفينا ما لدينا من تراث الندم .
- فى كل جسارة خسارة وفوز .
- وعيًا ما ... ينتقل بين جيلين ويتعدّل بتعدد الأجيال .
- لاشئ أثقل على النفس الحرة ، من تلقى النصائح .اسأل تعرف ، فتكون أنت ، لا هم .
- لا شئ يهد الأركان مثلما يفعل طغيان الأحزان .
- الرجل عليه إحتقار المرأه ليخفف بذلك من شعوره بإحتقار الذات ( كما يفعل الحكام فى كبار حاشيتهم المقربين الحقراء ) " بتصرف " 

- الأوهام ، أكثر ما تعيشين به وله ، ولست فى ذلك وحدك فهى صفة فى الإنسان ، يُجهد روحه ويكذِّب عقله حتى إذا أنهك استسلم للأوهام ، ونام . غير أن روحه تعود فترفرف وعقله لا تكف ومضاته المقلقة لإستنامة الوهم فيقلق ويأرق ويغرق فى بحر الحيرة .

- الإنسان سؤال لا إجابة ، وكل وجود إنسانى احتشدت فيه الإجابات فهو وجود ميت ، وما الأسئلة إلا روح الوجود وبالسؤال بدأت المعرفة ، وبه عرف الإنسان هويته فالكائنات غير الإنسانية لا تسأل بل تقبل كل ما فى حاضرها وكل ما يحاصرها ، الإجابة حاضر يحاصر الكائن والسؤال جناح يحلق بالإنسان إلى الأفق الأعلى من كيانه المحسوس ، السؤال جرأة على الحاضر وتمر المحاصَر على المحاصِر. 

من عجائب ( استخدام ) اللغة العربية :( بتصرف )


1 - أن بها دلالات صار بعضها مضادا لألفاظها 

مثل لفظ ( فلاح أوفلاحة ) الذى يستخدم للإذدراء رغم أنها فى الأصل من فعل مدح ( 

فلح ) والممدوحون فى القرآن الكريم هم ( المفلحون ) .

2- أن يستخدم لفظ ( شاطر أو شاطرة ) للمدح رغم أن الفعل شطر فى المعجم مأخوذ 

من معنى إنفصل عن أهله ، والآخذ فى نحو غير الإستواء ، والشاطر من أعيا أهله 

خبثا .


3- إذا أراد الناس الإعلاء من شخص وصفوه بأنه ( ابن أو بنت ناس ) رغم أن هذا 

التعبير ظهر فى العصر المملوكى للسخرية غير المعلنة ممن لا يعرف لهم أصل ولا 

أب لهم .



4- ومن عجائب اللغة العربية من أصول المفردات كلها تأتى من صيغة الفعل الماضى 

وكأن لا شئ ( أصلى ) يحدث فى الحاضر أو سيحدث فى المستقبل .



5- ومن الروائع ( ^_^ ) أ ن تلحق تاء التأنيث بكل المصادر الدالة على الأمور الكلية 

الإجمالية مثل ( إنسانية ، عالمية ، واقعية ، رمزية ، وطنية ، .. ) .



6 - وتلحق التأنيث بالرجل إذا بلغ مرتبة عالية فيما يوصف به فنقول :

- عن الرجل ذى العلم الكثير : علامة

- و عن الرجل ذى الفهم العميق : فهامة

- و عن الرجل ذى النبوغ الفائق : نابغة .




انتهيت من الرواية ..... ولم أنتهى بعد من غيرها .



                                                                                 رؤى عليوة 


هناك 10 تعليقات:



  1. قراءةءة رائعة للرواية
    جبتي المفيد
    يوسف زيدان قريب إلى قلبي وما ذكرتيه شجعني أقرأه في أقرب وقت ممكن

    دمتي بخير وصحة وأمل

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك يا لبنى
      وهنتظر رأيك بعد القراءة له :)


      دمت بخير

      حذف
  2. تعرفى يارؤى انا شعرت وانا اقرأ البوست ده انك طالبة فى الثانوية العامة مجتهدة بتراجع دروسها :)
    ماشاء الله عليك حبيبتى بتقرأى بحب وهواية وتبحثى عن كل زوايا القصة وابعادها وعمق الفكرة فيها بارك الله فيك وزادك من فضله غاليتى
    وشكرا لك بحجم السماء على هذه الرحلة الشيقة فى روايتك ظل الافعى :)

    دمت بود وسعادة

    ردحذف
    الردود
    1. هههههه تصدقى لو كنت ذاكرت فى ثانوى يمكن مكنتش النهرده بقرأ الروايات والكتب دى سبحان الله يختار لنا ما يعلمه عنا

      نورتى يا لولا

      دمت بخير

      حذف
  3. عايزه أقولك تعليقك على الروايه أجمل منها :)

    قريتها من فترة و معجبتنيش
    محسيتش إن فيها مقومات الروايه
    كمان إختلافها مجذبنيش
    مع إني مغرمه برواية عزازيل لنفس الكاتب

    في تقدم دائماً يا رؤى
    تحياتي و كل الود لكِ

    ردحذف
    الردود
    1. اولا انتى منورة هنا :)

      وفعلا عندك حق هى مش رواية بالظبط يعنى
      اسمها جذبنى بعد ما قرأت عزازيل ومحال وهما اعمق واجمل

      لكن نفس الحجات اللى انتقدتها موجوده فى ال3 روايات !!!


      دمت بخير حبيبتى

      حذف
  4. استاذة رؤى .. شكرا جزيلا على قراءتك الرائعة لأحدى كتب الرائع يوسف زيدان .. انت تقولين أن جرأته غير مبررة وأنا أقول لك أن هناك الكثير الذين يجهلون تلك الجرأة أو بمعنى أصح يجهلون تلك الحقائق ومدلولاتها النفسية .. قراءة ممتازة .. دمتى على خير ..

    ردحذف
    الردود
    1. مرحبا بك د اسماعيل فى مدونتى
      شكرا لرأيك

      لكن من الذى يجهل ؟؟
      ليس كل ما يقوله المؤلف من انه لم يخرج عن المضمون يصدق
      لأن القارئ ايضا له وجهة نظر يجب ان تحترم

      وما لا يضر حذفه فى اى رواية او عمل ادبى لا يجوز التمسك به


      دمت بخير

      حذف
  5. اتفق مع الاخت شيرين

    تعليقك يشوقنا لقرآتها

    دمتِ متميزه

    تحياتي لقلبك

    ردحذف
  6. مساء الورد رؤى

    قراءة متعمقة وجادة في رواية د.يوسف تنم عن فهم واضح لما نثر من

    أدبه وفلسفته وإن كنت أعيب على بعض الكتاب خروجهم عن أبجدية الدين

    لخدمة النصوص ...

    - الأمومة طبيعة ، والأبوة ثقافة .
    - الأمومة يقين ، والأبوة غلبة الظن .
    - الأمومة أصل فى الأنثى ، والأبوة فرع مكتسب .

    بالفعل من أجمل ما كتب وأثار أنتباهي شكراً لتسليطك الضوء عليها

    تحياتي وإحترامي

    ردحذف

مرحبا بكل من دخل عالمى