الجمعة، 23 مارس 2012

حوار صامت




فى حوار غير مسموع مع شئ لا يزال غير محسوس .. لكن روحه قد ملئت عليها الدنيا وكأنها هى من بداخله ... وبمجرد علمها بوجوده كانت بداية الحوار والإتصال ... ربما لأنه كان أملها وحلمها الذى ظلت ترسمه منذ زمن تعده طويلا ... وربما لأنها أول من سيشعر به ومن سيشعر بها ... حوار تتخلله البسمات وضحكات العيون التى لا يعرف معناها ومغزاها ولا حروفها سواهما ... المعانى التى لو أرادت هى نفسها أن تتحدث عنها فلن تستطيع .. وستبقى عاجزة عن الوصف ونقل ما كان فى ذاك الحوار الممتد ...


يعرف صوتها قبل أن تراه وتشعر به قبل أن يرى عينيها ... حالة يعجز أى قلم عن وصفها ... ومشاعر تختلج لتعجزها أمامها لكنها فقط تحيا بها ولها ..

وعن الحوار بينهما ... فقد تحكى فيه عن قصة حياتها بكل أسرارها وأدق تفاصيلها وكأنه يحتويها ... وتصمت داخل صمتها وكأنها تتخيل رده .. وتسمعه وربما تشعر بيده الحانية عليها والتى لم ترها بعد ... وكأنها ترى إبتسامة أجمل عيون بريئة .. ولم ترى تلك العيون الضوء بعد ....



كلمات وعبارات وأمنيات ورؤى وقصص وحكايات وضحكات ودموع يتقاسمنها سويا ... وتدور وتستمر الحوارات بين عيون لم ترى عيون من تحاور.

علاقة ليست ككل العلاقات .. لا تعرف من يعطى ومن يأخذ فكلاهما فى نفس اللحظة يعطى ويأخذ ...كلاهما يشكتكى  ويحن ... كلاهما يرى  فى الآخر حياته ...

لكن الغريب أن أهم الأمنيات فى تلك الحوارات بينهما يغلب عليها الخوف وطلب الوعود بالبقاء معا بعد اللقاء ..وتلاقى العيون وتشابك الأيدى ... ربما لأن الحياة بها من يحيل دون إستمرار تلك الحوارات الصامته بينهما .... وربما ضجيج الحياة يحيل دون إستمرار سماعهما لتلك الألحان التى عزفت على أوتار القلوب ... خوف منها ومنه .. وطلب الوعود بإستمرار الحوار ...

ربما يقال أن ما عبرت به رومانسية .. وربما تحتار العقول فى معرفة من هما البطلان ... وستدور الأذهان وربما لا تصل ...  فتلك المعانى جالت بخاطرى عندما تخيلت  أغرب الحوارات فى عالمنا ... ربما لأنها غير ملموسة وغير مسموعة فى عالم يقاس بما يلمس ويسمع فيه ... والغريب أنها تضم أروع المعانى والمشاعر والنغمات التى لا يمل عازفيها مع خوفهم بفقدانها يوما ... بقدر الخوف على حياتهم ذاتها ...

أظن أن الأفكار قد حارت فى معرفتهما ... لكنهما ببساطة ليسا إثنان فقط ... لكنهما حالة متكررة عبر الأزمان والأماكن ... لكن كل إثنين منهم متفردان ومتفرد الحوار بينهما بما فيه من عمق المعانى  ...

لكن الغريب حالتى والرغبة فى توقف الفكر عند تلك اللحظات من عمرهما وعدم التعدى لما بعد لقائهما الأول ... ربما لأن الحوارات حين يلتقيان يصبح غالبها على مرئى ومسمع المحيطين ...

لكنه حين كان بداخلها ولا تزال لا تعلم كيف سيكون شكلا وطبعا تدور المعانى فى عالم رائع بين الخيال والواقع فى طبقة خاصة تحمل طابعا فريدا بكل ما فيها حتى الألم فيها يكون محببا ...




هكذا رأيت حوار الأم مع جنينها حين تعلم بوجوده بداخلها حتى قبل أن تشعر به .... أو تلتقى العيون وتتشابك الأيدي .... 





*********** 

حوار جال فى خاطرى من فترة أعيد نشره 

هناك 12 تعليقًا:

  1. مساء الورد

    من أروع التوصيفات لحوار ليس كبقية

    الحوارت ولغة غير مرئية ولكن يتقنها

    نصف البشر مع نصفها الآخر فابعدتي

    بتحديد الوصف وتحسيس الغير محسوس

    وتجسيم المخفي في أروع علاقة على وجه

    الأرض بين أم وجنينها ...

    مبدعه

    تحياتي وإحترامي

    ردحذف
  2. مساء الخير وجمعه مباركة ريبال

    شكرا لإطراءك الجميل
    لا اعلم لما ورد على بالى بهذا الشكل لكن فى لحظة تنساب الكلمات محسوسة وان لم تكن واقع


    شكرا لك

    ردحذف
  3. عبير .. ودوما مرورك يسعدنى

    شكرا لتواجدك

    ردحذف
  4. احساس صادق و رائع
    دمتِ مميزة

    ردحذف
  5. شكرا د مصطفى

    أسعدنى مرورك

    ردحذف
  6. ^___^

    منورة ام عمر :)

    تسلمى ويسلم المرور العطر

    ردحذف
  7. جميل جدًا رؤى ..
    أشكركِ مجددًا على تنويهكِ بشأن أبتي محمد ..
    و لقد سعدت قبل يومين بمحادثته على الفيس بوك ..
    أتسااءل لم غيرت اسمكِ ؟!
    :)

    دمتِ بخير ..

    ردحذف
  8. مرحبا دعاء
    الحمد لله انك اطمئنيتى

    اسمى ياستى جالى منه شكوى ان ليا اسماء كتير قلت اوحد بقى عشان محدش يتوه عنى :)


    دمت بخير

    ردحذف
  9. :)
    آها ..
    جيد ..
    بودي أن أغير اسمي إلى دعاء محيسن و لكنني أخاف ألا يتعرف إليّ البعض ..

    دمتِ بخير ..

    ردحذف
  10. رائعه جدا ...بروعة تلك العلاقه الغريبه التي تربطهما معا فالعطاء هنا غير محدود والحب ليس له نهايه .
    عقبالك بقى :))

    ردحذف

مرحبا بكل من دخل عالمى