الأحد، 18 نوفمبر 2012

جرح الشعور




صغيرةُُ كانت - فى السنِّ فقط - حين أتى لها والدها بكتاب مسلٍٍ أحبته كثيرا لكثرة ألغازه التى كانت تتباهى بمعرفة إجاباتها بين زملائها ، فكثيرا ما كانت تحفظها وتختبر بها ذكائهم ، وكثيرا أيضا ما كانت تلقى بعضا من هذه الأسئلة كفقرة ضمن الإذاعة المدرسية   .

من المواقف الطريفة التى لا تنساها ، أنها فى يوم وهى تلقى أسئلتها على تلاميذ مدرستها فى الإذاعة المدرسية ، ألقت سؤال لم يعرفه أحد فقد كان صعب فعلا وفاجأها أحد المدرسين بسؤال : من أين عرفتى الإجابة؟ ، وبخفة دم وسرعة بديهة قالت ، قلبت صفحة الكتاب - حيث توجد الإجابات -، عَلا صوت الضحك فى طابور المدرسة ، لكنه بنظرته الحادة جعلها تكتم ضحكتها ، ويمر الموقف ، لكنها لم تنساه .

سؤال وحيد كانت تحفظه وتسأله للكثيرين خاصة الكبار ، ربما أرادت  أن ترى معنى إجابته أو أن يفسر لها أحدهم معنى هذه الإجابة التى حفظتها دون أن تفهم معناها ، لكن لم تجد من يفسر لها المعنى ، كل ما كان يحدث أنهم لا يعرفون الإجابة وبعد إلحاحهم عليها كانت تجيبهم فى تباهٍ لأنها وحدها التى تعرف إجابة السؤال العجيب . لكن ما كان يدعوها للتعجب أنها فى كل مرة تذكر الإجابة لأحدهم يصدق عليها بكلمة أو إيماءه !! ولا يفسر لها المعنى !!وحدهم الكبار يعرفون المعنى وإن غابت عنهم الإجابة ، ووحدها تعرف الإجابة ويغيب عنها المعنى .

يمر وقت طويل  - أو قصير -  حتى تكبر ويأتى الدور عليها لتفهم المعنى وتصدق عليه بكلمة وإيماءة حين تتذكر السؤال ، وتقول فى نفسها ها أنا عرفت المعنى والمضمون وعرفت أيضا لماذا لم يكونوا يفسرونه لى ، ببساطة لأنه لا يُفسر بالكلام المسموع فالمعنى محسوس فقط ، قد ترى ملامحه فى العيون ولا يفهم تلك الملامح غير الكبار - بعضهم وربما معظمهم - .

الآن لم تعد تكرر السؤال ، الآن وبعد أن أصبحت تعرف الإجابة ومعناها لم تعد تكرره ، لأنها إكتشفت أن الإجابة بالكلمات لم تكن وحدها كافية وربما لم تكن لائقه بالإجابة ،
الآن لم تعد تتسائل :
 ما الجرح الذى لا ينزف دمًا ؟؟ ولم تعد الإجابة مجرد كلمات  فــ " جرح الشعور " لا يمكن التعبير عنه بالقول . 

هى الآن تعرف أكثر عن الإجابة والمضمون والمعنى ، فكثير من المعانى نعرفها بمرور الوقت ، والزمن كفيل بتعليمنا مالم نكن ندركه قديما ، هى الآن كبيرة - ليس فى السن فقط - . 


هناك 18 تعليقًا:

  1. جميل وعميق يا رؤى

    جرح الشعور موجع واي جرح آخر ينزف أقل وطأة خاصة على من لهم قلب حساس وروح شفافة

    كلماتك جميلة جداً

    ردحذف
    الردود
    1. اصبحت متأكده انه كلما كان الامر خفى كان اكبر فى معناه

      دمت بخير لبنى

      حذف
  2. جميل جدا

    الجرح الذي ينزف سيلتئم في النهايه و قد تبقىاثاره ظاهره و قد يختفي تماما وتبقى ذكراه غير موجعه جدا

    ولكن جرح الشعور يبقى وبنفس شده الالم و احيانا ذكراه تكون اشد الما

    ردحذف
    الردود
    1. مرحبا بمرورك الجميل ويسبر

      دمت بخير

      حذف
  3. كلام رائع وجميل
    تحياتى المعطرة

    ردحذف
  4. ولانها اصبحت كبيره عليها تعدي كل ما كان بالامس موجع

    لان الامس لايفيد بقدر ما يفيدنا التفكير بالغددد

    تحياتي لقلبك

    ردحذف
    الردود
    1. اليوم وامس اساس للغد

      وكل ما حدث وما يحدث لا يوحى لنا ان القادم افضل مطلقا
      الكبد ملازم لنا

      هى سنة لم نعيها بعد

      دمت متفائله :)

      حذف
  5. ما الجرح الذى لا ينزف دمًا ؟؟ ولم تعد الإجابة مجرد كلمات فــ " جرح الشعور " لا يمكن التعبير عنه بالقول .

    هى الآن تعرف أكثر عن الإجابة والمضمون والمعنى ، فكثير من المعانى نعرفها بمرور الوقت ، والزمن كفيل بتعليمنا مالم نكن ندركه قديما ، هى الآن كبيرة - ليس فى السن فقط -

    اصيب قلمى امام كلماتك بالعجز من قوة المعنى والاحساس
    لمست شىء بداخلى بحروفك الصادقة يارؤى
    جرح الاحساس ينزف لكن ليس دما لكن جزء من ارواحنا

    احسنت وابدع قلمك باذن الله غاليتى
    بارك الله فيك وحفظك من اى جرح ووجع
    تحياتى لك بحجم السماء

    ردحذف
    الردود
    1. قلمى هو من يصاب بالعجز امام تعليقاتك لكن لعل ما اشعر به من امتنان لك يصلك
      دائما انتظر تعليقك

      دمت بخير

      حذف
  6. جميل جدا أبحرت وتأملت هنا
    شكرا لك
    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. مرحبا بك ميمى
      اسعدنى مرورك
      دمت بخير

      حذف
  7. صباح الورد رؤى

    نص إبداعي لأقصى حد فيه للفلسفة عنوان ما بين طفلة فهمت

    معنى الكلام ولم تفسره حتى تمكنت الحياة من قلبها ..

    تحياتي وإحترامي

    ردحذف
    الردود
    1. صباح الخير فارس

      شكرا لكلماتك

      هى فعلا قصة واقعيه لكن فلسفة الحياة تضفى عليها روحا خاصة تجعلنا جميعا نشترك فيها وان اختلفت الاحداث


      دمت بخير

      حذف
  8. الردود
    1. مرحبا بك هنا

      شكرا لاستجابتك وتعليقك

      دمت بخير

      حذف
  9. فضلت أبص للشاشة وساكتة
    واكيد انت فاهمة
    بس خلاص
    مش عارفة اقول حاجة غير بس هزة رأس وإيماءة

    ردحذف

مرحبا بكل من دخل عالمى