السبت، 19 ديسمبر 2009

احترام الذات





احترام الإنسان لنفسه هل هو واجب أم الإنسان مخير في تحقيقه لذلك؟ وبغض النظر عن احترام الآخرين له ( أى أن احترام النفس ليست وسيلة لمجرد تحقيق احترام الآخرين ) ، وما معنى أن يحترم الإنسان نفسه ؟ وإذا كان واجبا فلماذا؟؟؟


قد يكون احترام الإنسان لنفسه هو في ذاته شكر لله تعالى على نعمة أنعم بها عليه فقد خلقه
إنسانا وليس أى كائن آخر وخلق له العقل وهو أكرم ما خلق الله تعالى وأقسم الله عز وجل بعزته وجلاله على ذلك . ومن الله على هذا الإنسان بأن جعله مسلما بغير حول ولا قوة على اعتبار أنه ولد في بيت مسلم أو أنه وفقه للإسلام بخلاف غيره من غير المسلمين .


واحترام النفس يعنى اختيار الأفضل لها في الدنيا والآخرة والحفاظ عليها وعدم تعريضها للذل والمهانة سواء في الدنيا مع البشر أو بأفعاله التي ستحدد مصيره في الآخرة، فقد بين الله تعالى له الطريق المستقيم الذي إذا اتبعه وسار فيه وجد فيه الفوز في الدنيا والآخرة وحباه الله تعالى بالعقل الذي يعينه على اختيار الأفضل له وأن يتخذ القرار السليم عند مفترق الطرق...


وان كان الإسلام وصى الإسلام على الجار وصلة الرحم والأخوة في الإسلام فقد وصى على النفس أيضا ، ولكي يحب الإنسان غيره كان لابد أن يعرف كيف يحب نفسه أولا وفى الحديث الشريف ( حب لأخيك كما تحب لنفسك ) كان على اعتبار أن الإنسان المسلم العاقل مفطور على حب الخير لنفسه واختياره لها وهو كل ما يوصلها إلى رضا الله سبحانه وتعالى عنها ويقربها من جنته حتى ولو كان الظاهر أنه يتسبب في تعبها فتعب النفس في الدنيا غير منظور له طالما أنه الوسيلة لتحقيق أسمي غاية في دار البقاء ، والدنيا هي سجن المؤمن ...




والحمد لله الذي جعل الإسلام وتعاليمه متوافقة مع العقل وليس ضده ، فلو فكر الإنسان في أى أمر من أمور الدين لوجده مقبول ، وان كان ليس كل أمر يجوز للمسلم أن يفكر فيه ويجد في العقل ما يوافقه حتى يلتزم به ، ولكن نجد أن أي أمر في الإسلام إذا اعمل العقل فيه وجده مقبولا . ولما كان العقل سلاح الإنسان وأداته في تقرير ما ينفعه وأفضل ما فيه ، ولما سلم العقل للإسلام أو لما كان هو والإسلام من خلق الله تعالى وكان بينهما هذا التوافق ولم يختلفا كان من السهل على القلب أن يميل لما اختاره العقل من قبل خلق الإنسان ..قال تعالى"وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين" (الأعراف-172)
ذلك إن كان القلب سليما فانه يشعر بالاستقرار والأمان والطمأنينة كلما ازداد قربا من الله تعالى ويقينا به....


وبهذا فان من كمال إسلام المرء أن يختار الأفضل لنفسه ولإخوانه واحترام العقل وإعماله فيما يحقق له الرقى في مراتب الإيمان والصعود في درجاته.


وإعمال العقل يعطى الإنسان قوة وثقة بنفسه تجعلها جديرة بالاحترام وان عارضه الكثير فانه عندما يصل للاقتناع والالتزام بالتعاليم السامية للإسلام ويفهمه فهما صحيحا ويطمئن قلبه به تكون لديه قوة داخليه تجعله يصمد أمام اى صدمات خارجية..


هذه القوة التي تأتى من اقتناع العقل ويقين القلب تجعل في الإنسان صفه من صفات المؤمن القوى الذي يسعى دائما للصعود والقرب من الله تعالى في خطى ثابتة . لا يضره كثرة السالكين في الاتجاه المقابل له.


ومن صفات القوة أيضا الوضوح مع النفس أولا وهذا يأتي أيضا من خلال التفكير واستقرار العقل واحترام النفس التي كرمها الله تعالى...


ومن أروع الأمثلة على احترام الذات وقوة الشخصية والثبات والثقة والوضوح ، قصة إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه فقد بينت وضوحه وحكمة عقله وقوة الشخصية واضحة فيه- رضي الله عنه- وهى القدرة على التغيير دون الأخذ في الاعتبار أي ظروف أو آراء طالما اقتنع الإنسان بفعله هذا ..


ومن الأمور التي يجب أن تحترم فيها النفس وأن يعمل الإنسان على اختيار الأفضل لها هو طاعة المرأة لزوجها وعملها بكونها راعية ومسئولة عن رعيتها بغض النظر عن كونه هو الآخر راع قد يكون مقصر في حق رعيته . فليس هناك أي مبرر لها في التقصير في واجباتها حتى ولو لم تكن تحصل على حقوقها فإنها وان كانت لا تحصل على كافة حقوقها في الدنيا أيا كانت فان تقصيرها في واجباتها ستكون عاقبته أعظم وهى الحرمان من نعيم الآخرة وهذا لا يرضاه عقل ولا يرضى لها أن تكون في حالة رد فعل دائما فلو فكرت المرأة قليلا لوجدت أن قيامها بواجباتها اتجاه زوجها وهو فرض عليها حتى ولو كان في بعض الأحيان ثقيلا فانه مجرد وسيله لبلوغ غاية عظمى لا يعقل الاستغناء عنها أبدا...


وبالتفكير أيضا وإعمال العقل نجد انه قبل أن يفرض الله سبحانه وتعالى على المرأة الطاعة وقبل أن يجعلها أسيرة لهذا الزوج فقد كفل لها حق الاختيار وجعل قبولها شرطا فهي التي تختار من ستكون في طاعته وبالتالي فهي ليست أسيرة بالمعنى المتعارف عليه بل هي مختارة لحياتها بنفسها...


وعلى قدر ما أوجب الله عليها من والواجبات جعل لها من الحقوق ما ليس للأسيرات وأوصى بها كثيرا وأثنى على من يعطيها حقوقها وجعل لها أعظم وظيفة في الكون وهى اعمار الأرض فهي أم الشهداء والعلماء والزهاد وجعل لصبرها على الأذى وتحمل الصعاب أعظم الجزاء...


وفى مسألة الاختيار تأتى أهمية احترام المرأة لنفسها فمن احترامها لنفسها أن تدقق الاختيار وتفكر جيدا فهي في هذه المرحلة حرة لكن بعد ذلك ستكون مسئوله وعليها أن تأخذ من يعينها على القيام بمهمتها ولا تتهاون في هذا الحق فعليها الإحساس بأهميتها واختيار الأفضل لنفسها على قدر استطاعتها ويأتي بعد ذلك الرضا بالقدر فليس معنى أن كل ما يقرره العقل للإنسان هو الذي يحدث فقد يأتي القدر بأشياء أخرى قد لا يراها العقل في حينها لكن في هذه الحالة يكون الرضا والتسليم لما أراده الله تعالى فقد قام الإنسان بما عليه وهذا في حد ذاته يجنب الإنسان متاعب اللوم لنفسه والذي يكون في أحيان كثيرة اشد عليه من اى لوم يوجه إليه من اى شخص أخر وقد يكون لوم النفس شاغل للنفس عن الرضا بالقدر وهو ما فيه فوات لهذه النعمة وفوات لشكرها وضياع للمزيد منها ...


فالحمد لله الذي سوانا بشرا والحمد لله الذي خلق لنا عقولا وأكرمنا بها والحمد لله أن جعلنا مسلمين له موحدين ، ونسأله أن يجعلنا من الشاكرين لنعمه التي لا تحصى وأن يعيننا على استعمال ما خلق لنا فيما يحب ويرضى ...آمين


__________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكل من دخل عالمى